وأتنفَّسُ الحياة ~


إجازة وشوية عمل
أفريل 4, 2020, 9:02 م
Filed under: نَفَسٌ عابر ..

لو أن أحداً ما سألني: هل ترغبين بالاستمرار في العمل عن بعد أم العودة للدوام الطبيعي، لأجبت بأنني لا أعرف، ولو فكرت ملياً – وهذا ما فعلته – لأجبت بأنني أفضّل العمل عن بعد والحضور المكتبي يوماً واحداً في الأسبوع أو يومين.

ولأنني جربت العمل عن بعد خلال أكثر من مرحلة وفي صور مختلفة فقد لاحظت فروقات في بعض الأمور بحسب تعاملي أنا مع الموضوع، وهذا ما أود الحديث عنه 🙂

حين فرض العمل عن بعد لدى معظم المنشآت، تصور ذلك لبعض الموظفين أنها (إجازة وشوية عمل) يعني السهر والاستمتاع في الليل وتعويض النوم في النهار ثم إتمام العمل في أوقات متفرقة خلال اليوم، وفي مرحلةٍ ما جربت ذلك ضمنياً، وأبرز سلبياته بالنسبة لي والتي قد تلاحظ وجودها لديك إن كنت تعمل في أوقات متفرقة:

1- لا يوجد وقت تقيد نفسك فيه لتتم العمل، فيخضع العمل للتسويف والتأجيل ويكون ملحاً في عقلك الباطن لكنك تقول: بعدما أفطر – بعد الغداء – بعد الصلاة – سأجلس قليلاً مع أسرتي ثم أعمل، وهكذا، فيمضي الجزء الأول من يومك وأنت تفكر وتحمل هم العمل، ويمضي الجزء الثاني وأنت تعمل مع كثير من الملهيات.
2- العمل بعد الظهيرة أو بعد العصر معرض للكثير من المقاطعات: غداء – صلاة – قهوة – تعال اجلس معنا قليلاً – نريد مساعدتك في هذا الأمر.. إلخ وبالتالي الكثير من التشتيت، والكثير من الوقت في إتمام المهام.
3- نتيجةً لهذا التأجيل وعدم تقييد العمل بالوقت، فستشعر في داخلك بأن العمل لم ينتهِ بعد، فقد تصرف على مهماتك وقتاً أقل أو وقتاً أطول، ولن تدري هل انتهيت من هذه المهمة فعلاً كما ينبغي لها أم لا، لأنك لست محكوماً بوقت معين يوازي ساعات عملك الاعتيادية، وقد تشعر نتيجةً لذلك بتأنيب الضمير لأنك لا تدري أيضاً هل أديت حق المهمة من الإتقان، وهل هو قرار عادل أن تؤجل المتبقي من المهام للغد أم لا.
4- إذا كان العمل يتطلب تواصلاً مع زملائك من الموظفين فقد يكون فيه شيء من الصعوبة، ففي حين تريد أن تطلب أمراً ما من أحدهم قد تجده نائماً أو لا يستطيع أن يلبي طلبك لأنه أغلق جهازه وأنهى عمله!
5- حينما تعمل في أوقات متفرقة خلال اليوم فأنت كأنك ترسل رسالة مبطنة لزملائك في العمل أنك متاح 24 ساعة ومتفرغ للعمل في أي وقت، وأرجّح أنك لا تريد أن توصل إليهم هذه الرسالة.

نمط العمل في وضعية الإجازة قد يكون طبيعياً لدى البعض لأنه ألفه ويعتقد أنه لا يوجد خيار آخر، وبالتالي فهو إما أن يواجه صعوبات تبغّض إليه العمل عن بعد، أو ربما يكون قد تأقلم وبالتالي كل هذه الأمور يراها طبيعية ومتطلب أساسي للعمل عن بعد.

لكن بالمقابل يوجد خيار آخر، وهو أن يعامل العمل عن بعد كأنه (دوام طبيعي ومكتبي بساعات مقيدة صباحاً) لكن الفرق فقط في المكان. تبدو الفكرة صعبة جداً أن يضحي الفرد بنومة لذيذة لشيء بإمكانه تأجيله لوقتٍ آخر!
ونعم للأسف ينبغي عليك أن تنام في الليل وتستيقظ في النهار، وحالياً رتبت نفسي على هذا النظام، والنتائج المذهلة والهدوء والانتعاش والإنجاز الصباحي ينسيني استيائي وأنا أجرجر نفسي للفراش مساءً في حين أن أهلي يسمرون ويلعبون الكيرم 🙂

لكني وضعت لنفسي قوانين وتأقلمت:
1- وقت العمل محكوم بساعات معينة، أفتح الجهاز في السابعة صباحاً وأغلقه بعد الظهر وبعد انتهائي أدخل جميع متطلبات العمل (هاتف العمل – اللابتوب – مفكرة الملاحظات…) إلى الدرج، وهكذا أنسى العمل بقية اليوم رغم أن السرير والطاولة قد يذكراني به (لأني أيضاً حولت سريري إلى مكتب).
20200315_085709
2- الهدوء الصباحي والصفاء الذهني يجعلني أركز على مهماتي وأؤديها بمشتتات أقل.
3- حينما أغلق جهاز العمل أشعر برضا لأنني عملت فعلاً بمقدار ساعات يوازي ساعات عملي المكتبية.
4- من حسن حظي أن عملي مرتبط بصديقتي التي تتبع نفس النظام الذي أتبعه، فيكون تواصلنا صباحاً سلساً وفعالاً.

 

هذه تجربتي أحببت مشاركتها لعلها تكون مفيدة للبعض 🙂
وربما يكون السبب الأساسي الذي غيّر نظامي وجعلني أستمر في الاستيقاظ صباحاً حتى في نهاية الأسبوع هو قراءتي كتاب (نادي الخامسة صباحاً) ولعلي أفرد له تدوينة فيما بعد 🙂

ماذا عنكم وعن تجربتكم في العمل عن بعد؟


5 تعليقات so far
أضف تعليق

ماشاء الله تبارك الله
فعلاً بركة الوقت في الصباح وكل شىء له طعم آخر من الشعور بالتغلب ع شهوات النفس من السهر الى وقت متأخر وقضاء نصف النهار في النوم ….مبدعه كالعاده نوااره❤️

تعليق بواسطة Nadya

حبيبتي نادية الله يسعد قلبك.. شرفتيني 🙂

تعليق بواسطة روح

بالنسبة لي كطالبة جامعية كان الأمر مو بالسهولة اللي تخيلتها، عندي أوقات كثيرة للمذاكرة.. الحقيقة الوقت كله للمذاكرة لكن كل شيء آخر يشدني من جميع الجهات .. نسبة الإنجاز أقل مما أتمنى، وجو الجامعة والروتين والدراسة بالنسبة لي محفز أكثر صراحة

تعليق بواسطة غدير

صحيح في الدراسة عن بعد قد يكون نمطها باعثاً للملل ويحتاج إلى جهاد أكبر.
وفقكم الله وأعانكم وكتب لكم أجر الصبر وطلب العلم 🌷

تعليق بواسطة روح

[…] التدوينة السابقة كتبت عن تجربتي في العمل عن بعد بسبب ظروف الحجر المنزلي. […]

التنبيهات "Pingback" بواسطة العمل عن بعد.. مجدداً ! | وأتنفَّسُ الحياة ~




أضف تعليق